رهان الهيدروجين .. هل يمثل طوق نجاة لشركات النفط الكبرى في ظل خطط حماية المناخ؟

في أيام الشتاء الباردة، تعتمد المملكة المتحدة بشكل كبير على الغاز الطبيعي كوقود للتدفئة، لكن هذا الاعتماد سيتغير بمرور الوقت نظراً لانخراط لندن وغيرها من الدول حول العالم في خطط مكافحة التغيرات المناخية وعدم التسبب في أي انبعاثات كربونية بحلول عام 2050.

وأعلنت عدة دول التزامها بأهداف مشابهة امتثالاً لاتفاقية "باريس" لمكافحة التغيرات المناخية من خلال البحث عن بدائل نظيفة للطاقة، وهو ما سيجعل شركات النفط والغاز الطبيعي ومصادر الوقود الأحفوري الأخرى في موقف لا تحسد عليه.

رهان الهيدروجين

- ببساطة، عند حرق الهيدروجين للحصول على الطاقة، فإن الانبعاثات الناتجة عنه هي الماء فقط، ومن ثم، يمثل الهيدروجين مصدراً نظيفاً للطاقة ليس فقط للحكومات بل أيضا لشركات النفط التي تحاول المشاركة في خطط حماية المناخ.

- أنفقت شركات كبرى للنفط والغاز الطبيعي مثل "رويال داتش شل" و"إكوينور" و"بي بي" عشرات الملايين من الدولارات على مشروعات تجريبية ترتبط بالهيدروجين.

- الآن، تواجه شركات النفط الكبرى تحدياً يكمن في انخفاض أسعار الخام وأزمة فيروس "كورونا" التي تضر بالطلب العالمي وأيضا قيود السفر وتزايد الضغوط من المساهمين بسبب الانبعاثات الكربونية، ولذلك، ربما ترى في الهيدروجين طوق النجاة لها.

- يتميز الهيدروجين أيضاً بوفرة الطاقة الناتجة عنه مما يجعله مفيدا للصناعات الثقيلة عالية التلوث مثل الأسمنت والصلب، وهي صناعات لطالما اعتمدت منذ عقود على الفحم، ولم تفلح مصادر الطاقة المتجددة كتوربينات الرياح والألواح الشمسية في تلبية احتياجاتها.

- بالتالي، يمكن استغلال شركات النفط الكبرى هذه الميزة والمساهمة في توريد وقود الهيدروجين للصناعات الأخرى بدلا من الوقود الأحفوري، كما أن هذه الشركات تمتلك من القدرة ما يجعلها تهيمن على سوق إمدادات الهيدروجين سريعاًمع الأخذ في الاعتبار بنيتها التحتية وخبراتها في نقل وبيع الوقود.

- ترى بعض شركات الطاقة الهيدروجين بمثابة شريان حياة وطوق نجاة مستدام ويحميها من مخاطر خطط التغيرات المناخية والضغوط عليها من جانب المساهمين والحقوقيين المدافعين عن البيئة.

- أعلنت حكومات دول أوروبية خططا بعشرات المليارات من الدولارات ضمن خطة إنفاق جديدة لإعادة تشغيل اقتصاداتها والالتزام بتعهداتها المناخية في نفس الوقت، وربما يكون للهيدروجين نصيب كبير، فقد خصصت ألمانيا على سبيل المثال تسعة مليارات يورو (حوالي عشرة مليارات دولار) لإنتاج وقود الهيدروجين.

- ستمثل  خطط الإنفاق عاملا حيوياً في تطوير واستخدام تكنولوجيا إنتاج الهيدروجين والاعتماد عليه بشكل متزايد في مختلف الصناعات بل والتنافس به في الأسواق الدولية.

عقبات رئيسية

- رغم كل هذا الاهتمام والخطط الواعدة، إلا أن هناك عقبات رئيسية تعوق استبدال الوقود الأحفوري بالهيدروجين في أي قطاع، وينتج العالم حالياً نحو 110 ملايين أطنان مترية من الهيدروجين سنوياً وأغلبها يستخدم في الأمونيا "إن إتش3" بصناعة الأسمدة وأيضاً في صناعة النفط الخام وتحويله إلى منتجات كالبنزين والديزل.

- كما أن ثلاثة أرباع الإنتاج السنوي المذكور من الهيدروجين مشتق أصلاً من التحول الكيميائي للغاز الطبيعي - أي الحصول على مركب الميثان "سي إتش 4" المنتج لثاني أكسيد الكربون، وبالتالي، فإن عملية إنتاج الهيدروجين نفسها ينتج عنها عوادم ملوثة للمناخ.

- عند إطلاق ثاني أكسيد الكربون - الناتج عن توليد الهيدروجين - في الغلاف الجوي، يسمى بالهيدروجين الرمادي، وعند التقاط ثاني أكسيد الكربون ودفنه تحت الأرض يسمى بالهيدروجين الأزرق، أما أفضل هيدروجين فهو "الهيدروجين الأخضر" المشتق من الماء.

- هناك مشكلة أخرى تكمن في التكلفة حيث إن سعر إنتاج كيلوجرام من الهيدروجين الأخضر يصل إلى 7.50 دولار مقارنة بسعر 2.40 دولار لكل كيلوجرام من الهيدروجين الأزرق.

- تعد "رويال داتش شل" من أوائل الشركات النفطية التي اهتمت بالهيدروجين، فقد راهنت قبل عشرين عاماً على السيارات العاملة بوقود الهيدروجين عندما كانت بطاريات أيونات الليثيوم باهظة التكلفة.

- يظل الهيدروجين مفيدا لصناعة النقل لتشغيل الحافلات والسيارات والدراجات النارية وأيضاً في صناعة التدفئة، ومن السخرية أن الشركات المنتجة للوقود الأحفوري (شركات النفط) ربما تكون هي المنتجة للهيدروجين كوقود نظيف في المستقبل.

- أفاد محللون بأن 95% من الهيدروجين في الولايات المتحدة يتم إنتاجه بواسطة الميثان، كما أن مد خطوط أنابيب الهيدروجين يكلف الحكومات ستة أضعاف خطوط الأنابيب للغاز الطبيعي.

- هناك توصيات ببناء شبكة واسعة من محطات الوقود لتزويد وسائل النقل بالهيدروجين وتمدد ذلك إلى الصناعات الأخرى، ومن الممكن استغلال شركات النفط لبنيتها التحتية والمساهمة في تدشين محطات وخطوط لنقل الهيدروجين.

المصدر: بلومبرج، فوربس